الرئيسية / جنس / سبع صفات للمجتمع الهمجي

سبع صفات للمجتمع الهمجي

سبع صفات للمجتمع الهمجي

·         ….. /  الكاتب : علاء الأسواني     

 

أولا :  المسئولية الجماعية

المجتمع الهمجي لا يعتبر الفرد مسئولا عن أفعاله فقط لكنه مسئول أيضا عما يفعله أي فرد في طائفته أو أسرته أو بلده. إذا اغتصب شاب مسيحي فتاة مسلمة في قرية فإن المجتمع الهمجي يعتبر أن كل المسيحيين في القرية مسئولون عن جريمة الاغتصاب وبالتالي تبدأ موجة من الاعتداءات على أملاك المسيحيين وأرواحهم. وإذا ارتكب الجيش الأمريكي جرائم في العراق فإن المجتمع الهمجي يعتبر الأميركيين جميعا مسئولين عن جرائم بضعة جنود ويتقبل قتل المدنيين في أمريكا بهجمات إرهابية كعقاب عادل. أثناء هذه الاعتداءات الهمجية يتم نزع الطابع الإنساني عن الضحايا، فلا ينظر إلى كل واحد فيهم كانسان وإنما فقط كأحد الأعداء الذين يجب سحقهم. المجتمع الهمجي يشهد بالضرورة سلسلة مستمرة  من الاعتداءات الطائفية والصراعات المذهبية والحركات الإرهابية وكلها تعتنق مبدأ العقاب الجماعي ولاتعترف بالمسئولية الفردية التي هي أبسط قواعد العدالة.

ثانيا: اللذة في الحواس

في المجتمع الهمجي لا يستمتع الناس إلا في إطار اللذة الحسية.. بعيدا عن الأكل والشرب والجنس والحياة المترفة يعجز الذهن الهمجي عن تصور السعادة. هكذا ترى الأثرياء يتلذذون بأنواع الطعام الشهي ويتباهون بقصورهم وسياراتهم الحديثة الفارهة والمجوهرات الثمينة التي ترتديها زوجاتهم لكنهم لايقرأون الأدب ولا يشاهدون البالية أو الأوبرا، وهم لا يفهمون كيف يدفع شخص مبلغا كبيرا من حر ماله ليشتري لوحة من الفن التشكيلي أو يقضي السهرة في حفل للموسيقي الكلاسيك. الأفلام والمسلسلات الناجحة في المجتمع الهمجي تعتمد على الإثارة الجنسية والكوميديا الفجة التي تسخر من العاهات وتضحك المتفرجين على شخص بدين أو أحول أو قزم..                              

ثالثاجسد المرأة 

بعد أكثر من قرن على مساواة المرأة بالرجل وبعد الانجازات العظيمة التي أحرزتها النساء لازال الرجل في المجتمع الهمجي يرى المرأة كجسد، سواء كان الرجل الهمجي متدينا يريد تغطية المراة تماما والتمتع بنكاحها (أحيانا وهي لازالت طفلة) أو كان إباحيا يريد تعريتها والتمتع بجسدها بدون زواج.. ليست  المرأة، في نظر الرجل الهمجي، إنسانا كامل الأهلية. إنها أداة للذة الجنسية ووسيلة غواية ومصنع لإنجاب الأطفال وطباخة وخادمة بيت وكل وظيفة أخرى للمرأة  أقل أهمية. الرجل الهمجي يحتقر المراة بقدر مايشتهيها وهو يعتبر الجنس فعل إذلال للمرأة بدليل أنه يستعمل لفظ النكاح كتعبير عن إذلاله لخصومه الرجال، كما أنه قد يتحدى شخصا قائلا:

ـــ “إذا كنت ذكرا حقيقيا افعل ذلك

الذكورة في ذهنه قمة الفخر، أما الأنوثة فهي عار ومهانة.

رابعا الضوضاء والعنف والبذاءة

كما كانت القبائل البدائية تقرع الطبول تعبيرا عن الفرح فإن الإنسان في المجتمع الهمجي لا يمكن أن يفرح بدون إحداث الضوضاء.. كل مناسباته السعيدة مثل الأفراح وطهور الأنجال وافتتاح المحال التجارية لابد أن تصدر عنها ضجة كبرى، وهو لا ينزعج من الضوضاء بل إنه بالعكس إذا ساد الهدوء يحس بوحشة.. الإنسان في المجتمع الهمجي لديه ولع بالعقوبات البدنية وهو يطالب عادة بإعدام المذنبين في ميدان عام أو قطع أيديهم وأقدامهم، كما أنه يعتبر استعمال العنف مع الخصوم رجولة وشجاعة ويعتبر الشخص البذيء ناجحا وماهرا في دحر خصومه بالشتائم والإهانات.

خامسا: الحقيقة الواحدة المعتمدة

في المجتمع الهمجي توجد حقيقة واحدة معتمدة دينيا وسياسيا، يفرضها الحكام ورجال الدين. الإنسان الهمجي يعتبر كل من لا يؤمن مثله بالحقيقة المعتمدة كافرا بدينه أو خائنا لوطنه ويمارس ضده أسوأ أنواع القمع الذي يبدأ من الاتهامات الباطلة وتشويه السمعة وقد يصل إلى حد الاغتيال.

سادسا: استعمال القانون

في المجتمع الهمجي لا يطبق القانون على الجميع. إن شخصية المتهم ومركزه الاجتماعي وحجم ثروته وعلاقته بالسلطة، تكون كلها عوامل مؤثرة في تنفيذ القانون أو تعطيله.. القانون في المجتمع الهمجي ليس أداة لتحقيق العدل وإنما هو سلاح في يد السلطة، تستعمله للتنكيل بخصومها وتعطله ليفلت أنصارها من العقاب.. هذا الاستعمال الانتقائي للقانون سرعان ما ينتقل من السلطة إلى الناس فتتعطل عندهم المعايير الموضوعية وتشيع بينهم المحسوبية والوساطة والرشوة باعتبارها تصرفات عادية ومقبولة. 

سابعا:  الشحن العاطفي

يعيش المجتمع الهمجي في حالة دائمة من الشحن العاطفي تمارسه وسائل الإعلام والطبقات الحاكمة، يدفع الشحن العاطفي الجماهير إلى تمجيد مبالغ فيه للشعب أو تأليه الحاكم الفرد أو استعداء الناس ضد المعارضين السياسيين باعتبارهم خونة وعملاء  أو اشاعة كراهية الأجانب باعتبارهم جميعا جواسيس. هذا الشحن العاطفي للجماهير يحجب عنها رؤية الواقع ويعطل قدرتها على التفكير وتقييم الأحداث. إذا قام ضابط شرطة بتعذيب متهم حتى الموت وطالب البعض بمحاكمته فإن الآلة الإعلامية تمارس فورا الشحن العاطفي في اتجاه تذكير الناس بتضحيات رجال الشرطة (مع أن الامتنان للتضحيات لايتعارض مع محاكمة القاتل). وإذا ارتكب الحاكم أخطاء فادحة في سياساته فإن الخطاب العاطفي يستدعي عند الجماهير صورة الأب الذي تعتبر محاسبته على أفعاله نوعا من عقوق الأبناء وإهانة لرمز الوطن

في النهاية نؤكد أنه لا توجد شعوب همجية وأخرى متحضرة وإنما نظام الحكم  هو الذي يدفع الشعب إلى السلوك الهمجي أو المتحضر . الأنظمة الديكتاتورية تحرص على دفع المجتمع بالكامل نحو الهمجية من أجل البقاء في السلطة والإفلات من أي محاسبة أو رقابة. أما في المجتمع الديمقراطي فإن المواطن  يتمتع بالعدل والحرية والكرامة، مما يدفعه حتما إلى السلوك المتحضر.

الديمقراطية هي الحل

 

شاهد أيضاً

في الكذب على الله والتاريخ والبشر

    …….. /  الكاتب:  بدر الدين عرودكي لم يقتصر الحل الأمني الذي استخدمه النظام الأسدي …

أين الخلل ؟

…. / الكاتب: أحمد الرمح – كاتب وباحث.  نحن ننتمي لمجتمع لا يفكر بحل شجاع ومبدع …

القاعدة والنظام السوري: اختراق أم تعاون أم عداء؟

…. / الكاتب : نور الدين الدمشقي هزت تفجيرات ضخمة دمشق وحلب منذ العام الماضي …

ثمن التضحية بالمبادئ.. قضية حتّر أنموذجًا        

…. /  الكاتب : نادر جبلي عند مدخل قصر العدل في العاصمة الأردنية عمان، وبعد …

حتى أنت يا مار شربل!

 …./  الكاتب : محمد السلوم ضجّت البارحة صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لمؤيدي النظام السوري، …

النظام السياسي في الدولة العربية الإسلامية

…. / الكاتب : سلامة كيلة الإقطاع هو النظام الاقتصادي الذي حكم الدولة العربية الإسلامية، …

هل انتهت الثورة السورية في تأريخ الحاضر والمستقبل؟

…. / الكاتب : حسام الدين درويش يمكن لسؤال “هل انتهت الثورة السورية؟” أن يثير …

أزمة المرأة العربية أزمة عقـل عربي

…. / الكاتبة : د. منى غانم واقع المرأة في هذه المنطقة هو ظاهرة لإشكاليات …

عندي بنات 16 !! (*)

…. /  الكاتب : نبيل الملحم (**) سنؤجل حديث الارقام والبيانات، وسنقف في شارع بغداد، …

اعجازاتنا العلمية الوهمية وفقرنا العلمي المدقع

…. /  الكاتبة :  ميرا جميل ما أقرأه من طروحات الداعية الدكتور زغلول النجار ، …

ملعب الوحوش: عن أحوال السيادة والسياسة والاجتماع في الشرق الأوسط

…… /  الكاتب: د. ياسين الحاج صالح سورية في الشرق الأوسط، والشرق الأوسط في العالم، …

حروب الوكالة ربح إسرائيليّ صاف!

….. / الكاتب : علي الكردي من الخطأ المبالغ فيه أن نبني تحليلنا السياسي بحسب …